Saturday, October 22, 2011

الإنتخابات التونسية

أنا متلهف للإنتخابات التاريخية التي ستُجري بتونس يوم غد الأحد، ليس بسبب رمزيتها بإعتبار تونس أول دولة من الدول التي أسقطت طغاتها ستبداء أولى عمليات التحول الديمقراطي، لكن بسبب نوعية النتائج التي قد ستفضي إليها.
الإنتخابات التونسية

أنا مترقب لثلاث مؤشرات، أولها ما سيحصده الإخوان المسلمون ممثلين بحركة النهضة، وما سيحصده حزب العمال الشيوعي التونسي وآخيراً هو مقدار النجاح التي ستحققه المرأة التونسية.


تُشكل الإنتخابات التونسية مُختبر مُصغر ونموذي بالنسبة لي في مجال العملية الديمقراطية الوليدة في العالم العربي. ففيما يَخص حركة النهضة، فأنا اعتبر الشعب التونسي أكثر الشعوب العربية تهيئاً للعملية الديمقراطية وبما يعنية ذلك من وجود ثقافة ومعدلات تعليم عالية وهو ما يجعل القرار عند صندوق الإقتراع اكثر تعبيراً عن الفهم للعملية السياسية وليس مجرد إقتراع عن طريق الترهيب أو الترغيب بالدين أو غيره. لهذا ففوز النهضة سيعكس الصورة الاكثر قرباً للواقع لما هو مستقبل الأحزاب الدينية في المجتمعات التي تتمتع بروح مدنية عالية.

حركة النهضة التونسية
هناك الكثير ممكن يُقارن النهضة بالتنمية التركي، وهذا بإعتقادي بعيد كل البعد عن الواقع، فتركيا دولة علمانية ويحكمها حزب ذو سياسيات إسلامية وهذا فرق كبير عن مقارنتها بدولة ليست علمانية ويحكمها حزب ذو سياسات إسلامية. ببساطة كون الدولة علمانية هو ضمانة واضحة لعدم إستغلال الدين، وعدم تحويل الدولة إلى دكتاتورية دينية. ولو تذكرنا ما قاله اردوغان قبل اسابيع عند زيارته لمصر، عندما دعى للعلمانية ومؤكداً أنها لا تعني معاداة الدين، وان حزبه مؤمن بالقيم العلمانية للدولة ولكن ببساطة يقوم بسياسات تكون جذورها إسلامية، وتطبيق السياسات أمر لا يعني أحد شيئاً فما دامت سياسات ناجحة فسينتخبه المواطنين مره أخرى والعكس صحيح دونما إقحام للدين بالموضوع، فلماذا تتشبث اجزابنا الدينية بأن تكون الدولة إسلامية؟ ثم أن تجربة التنمية والعدالة التركي لم تكن لتقوم موتنجح لو لم تكن الدولة علمانية، والخوض في تفاصيل هذا الأمر يطول كثيراً.

حزب العمال الشيوعي التونسي
وأما يما يخص حزب العمال الشيوعي، فانا مترقب لمعرفه مدى شعبيته حقاً في اوساط الشعب التونسي، وهل لا زال هناك من يتقبل الأفكار الشيوعية؟
هنا أريد التاكيد أن هناك فارق كبير من أن يكون حزب إشتراكي وان يكون شيوعي، وللاسف الكثير يخلط بينهم خلطاً. فلو كان حزب العمال توجهه إشتراكياً لما إهتممت به كثيراً بإعتبار الاحزاب الإشتراكية واليسارية حقيقة قائمة في كثير من البلدان العربية بل وحاكمة في بعضها وتحكم في اوربا وامريكا الجنوبية..الخ. أما فيما يخص الشيوعية فذلك أمر مختلف، وساكون متفاجاً إن حصد الحزب مقاعد كبيرة رغم ما للحزب من تاريخ نضالي كبير وياتي بالدرجة الثانية بعد حزب النهضة في مقاومة نظام بن علي.

 أتمنى لو تتوحد قوى اليسار التونسي تحت راية الإشتراكية لان الشيوعية بنظري قد أصبحت غير واقعية على الإطلاق والتاريخ أثبت ذلك، على العكس من التجارب الإشتراكية التي يثبت التاريخ نجاح تجربتها عموما..

المرآة التونسية والترقب للنتائج
آخيراً، النتيجة الأكثر أهمية بالنسبة لي هي مدى قدرة النساء التونسيات على إحراز نجاح آخر يضاف لسجل المرأة التونسية الحافل بكثير من العلامات المضيئة. فقد كان إشتراط أن يكون نصف المترشحين من النساء ومثلهم من الرجال دافعاً قوياً لمسيرة المرأة التونسية السياسية، وإذا ما حققت ما تشتهيه من ان تحوز على نسبة كبيرة من المقاعد فسيكون ذلك علامة فارقة في مسيرة التحول الديمقراطي في تونس والعالم العربي.

أتمنى أن تمر الإنتخبات التونسية بسلام وتكون نتائجها عاكسة للإرادة الشعبية للثورة التونسية، واتمنى ان تتحفنا نتائجها بالمفاجآت السارة.

2 comments:

Anonymous said...

تحليل جميل لجو الانتخابات التونسية.. وهكذا تصدر النهضة القائمة ، لا اعتقد لميزه خاصة فيه ولكن لأن تعطش التوانسه للدين جعلهم يصووت للنهضة كرمز ديني.
لست متحمسه للأحزاب الدينية صراحة..
و التسويق للنهضه على انه لن يفرض توجهاته على أحد وسيحترم حقوق المرأة يجعلني ابتسم.

ويبدو ان عهد الاشتراكيه ولّى وجاء عهد الاخوان .

Thabet said...

اتمنى ان لا يخذلوا إبتساماتنا... وإبتسمت أيضاً عندما تعهدوا بغقامة نظام علماني ايضاً؟

أما فيما يخص عهد الإشتراكية... فانا لا اوافق على ذلك. صحيح هناك صعود للاخوان، ولكن بعدما "هجنت" الاحزاب الإشتراكية من نفسها خلال العقدين الاخيرين، اعتقد أن لها فرصة جيدة لو توجهت لطاقات الشباب وليس للكهول الذين لم يتهجنوا بالدرجة المطلوبة مع واقع مجتمعاتهم!

وراينا ان الحزب الثاني والثالث في الإنتخابات التونسية نفسها بعد حركة النهضة..هي أحزاب ذو توجهات يسارية بالمجمل أعتقد ان وزن الاحزاب الإشتراكية يوازي الاخوان في تونس :)