Friday, October 23, 2009

لا تحزن...نشهد أنك عائض القرني

من أفضل المقالات التي توصف الزيارة الدعائية لعائض القرني لليمن الاسبوم الماضي وما شابها من تشويه مغرض لمن يعارض حكومة الإحتلال في صنعاء.
المقال منقول من التغيير نت للكاتب محمد صالح البخيتي بعنوان:
لا تحزن...نشهد انك عائض القرني



محمد صالح البخيتي الخميس 2009/10/22 الساعة 08:40:36



في بلاد قرن بن ناجية بن مراد هنا في اليمن تناقلت الأجيال حكاية إيمانية فطرية بشكل خرافي لكن العبرة منها هي المقارنة بين الإيمان الفطري والإيمان المسيس, أما تحويرها فهو ناتج تراكم الزمن فالحكايات الشعبية التي تنقل أخبار الأولين بشكل عام تنقلها مشوهة ليس بقصد لكن لكثرة تناقلها من جيل إلى جيل فكل جيل يضيف إليها ويحذف منها, فقد سمعت من كثير من الرواة المعمرين ومنهم أمي راوية عصرها أن بدويا راعي أغنام وجمال أشعث أغبر لا يقرأ ولا يكتب كان يصلي بطريقة بسيطة ابتدعها لنفسه حيث كان يتوجه نحو غنمه ويقول ( أصلي صلاتي على قرن شاتي وتسجد معي جميع العضاتِ الله أكبر) فيركع فتركع معه غنمه وجماله والأشجار والأحجار, ويسجد فتسجد معه إلى أن رآه رجلا متدين فاستنكر عليه صلاته وقال له أن صلاته باطلة, ثم علمه كيف يتوضأ وما يردد في صلاته ابتداء من الأذان والإقامة إلى التسليم, فطبق البدوي التعاليم الجديدة ومعلمه ينظر إليه وحينها لم تسجد معه الكائنات التي كانت تسجد معه من قبل فأحرج المعلم وقال: صل بصلاتك السابقة فصلى بها وإذا كل الكائنات تركع وتسجد معه من جديد.

لم تقل لي والدتي من هو هذا البدوي المؤمن لكني استنتجت ذلك بعد أن قرأت حكاية أويس القرني التابعي الذي أوصى فيه الرسول وبحث عنه الخليفة عمر بن الخطاب ومعه علي بن أبي طالب حتى وجداه وهو يصلي إلى شجرة وإبله حوله وبعد أن تأكدوا من علامات كان قد وصفه بها رسول الله قالوا له: (نشهد أنك أويس القرني فاستغفر لنا يغفر الله لك) أويس في هذا الموقف أمر له الخليفة عمر بن الخطاب بنفقة وكسوة فرفضها قائلا ما اصنع بها ولدي إزارا وأربعة دراهم, فأحرج عمر برفضه عطيته التي جعلته يتمنى أن أمه لم تلده.أويس هذا البدوي المؤمن الذي رفض أن يستغفر حتى لنفسه عاهد علي بن أبي طالب في معركة صفين وقاتل معه حتى استشهد.

أويس القرني اليمني تذكرت حكايته بعد أن لاحظت موقف الداعية الوهابي عائض القرني الذي حضر من أرض نجد لينصحنا من منبر جامع مشبوه بأن لا نحزن على الدماء التي تسفكها السلطة في صعدة, ولا على الوحدة التي تنفصم عراها واحدة بعد أخرى, فقد أتحفتنا وزارتي السياحة والأوقاف في الأسبوع الماضي باستضافته ضمن رجال دين ورجال سياحة من مختلف البلدان ليعقدوا مؤتمرا هنا في صنعاء ( ملتقى السياحة والإسلام), الملتقى هذا جاء على غير العادة فلم نسمع أن النشاط السياحي يتوافق مع مهام الأوقاف ورغم هذا فقد اجتمع في هذا الملتقى النقيض مع نقيضه فالمادة كفيلة بتقارب المتنافرين وتباعد المتقاربين, وكما هي العادة فإن أي ندوة أو مؤتمر تعد له الحكومة يكون الغرض منه غرض سياسي والسياسة عند حكومتنا في مثل هذه الأزمة مكرسة لتوجيه كل طاقتها لإقناع الشعب بما تنفذه حتى لو كان ما تقوم بع خارج عن المألوف أو عن نواميس الحياة, وعندما تعجز عن تمرير سياستها الكاذبة عبر الدعاة اليمنيين تستدعي لتمررها أجانب لم يسبق لليمنيين أن اكتشفوا ضعفهم .

وقد اتضح ذلك من خلال ظهور عائض القرني كرائد للملتقى ومروج لما تقوم به السلطة, ويبدو من خلال ما طرح كأنه لا يعرف أن النظام السياسي المعترف به في اليمن هو نظام جمهوري لا ملكي, لا يسمح ببقاء الحاكم أكثر من عشر سنوات في حدها الأقصى, فقد غره أن حاكمنا قد مرت عليه فترة طويلة أكثر من بقاء كل ملوك البلد التي قدم منها القرني, وأعتقد أنه لو عرف أنه باق بطريقة غير شرعية لكان غير من أسلوب خطابه ولما تصدر فهالوة السياحة وناب عنهم في إلقاء كلمتهم أمام صاحب الفخامة وفي منبر جامع السبعين, لكن المشكلة أن وعظهم لنا لم يأتي بجديد فمن خلال سماع كلمة القرني في المقابلة وخطبتي الجمعة التي أوكلت إليه ـ بعد أن جمعت لها السلطة فريق عملها المعتاد إخراجه في المهرجانات الانتخابية حتى داسوا حديقة الجامع ـ لم نسمع فيها أي كلمة جديدة تتناسب مع الجمع الكبير الذي أمر بالحضور, فهل كان القرني يعتقد أن تلك الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية التي روج بها لصحيح البخاري ومسلم لم تصل إلى اليمن بعد؟ وهل كان يعتقد أننا لم نسمع قول الغزالي أو شعر الزبيري الذي قال فيه:

يوم من الدهر لم تصنع أشعته * شمس الضحى بل صنعناه بأيدينا

البيت الذي قاله في الثورة الباكستانية لا في الثورة اليمنية التي قتلته بالأمس, فبدون شك أن القرني لم يكن يعرف مناسبة قول هذا البيت, لكنه يعلم أن السلطة التي تقتل أبناء صعدة اليوم وتخرب مزارعهم ومنازلهم بطائراتها الحربية التي وفرت قيمتها من قوت الشعب الذي تقتله هي التي استدعته ليقول لنا أن الحزبية التي تحكمنا باسمها هي حرام, وهي التي استدعت دولته لتعينها على إبادة الشعب اليمني بعد أن سلبتها جزء كبير من الوطن.

ترديد القرني لما نعلمه ولا يعلمه يدل على أن ما كان يردده العمال العائدون من السعودية صحيحا, فقد كانوا يقولون أن مواطني نجد المضلل عليهم كانوا يسألونهم بأسئلة غريبة مثل قولهم: يا زيود عندكم مساجد؟ عندكم يا زيود قرآن؟ انتم تصلون؟ من هو نبيكم؟ وما شابه هذه الأسئلة التي يختتمونها بقولهم: روح يا زيدي يا مشرك, فاليمني عندهم زيدي ولو كان مذهبه شافعي أو حنبلي أو مالكي أو حنفي, والزيدي عندهم مشرك نجس أخطر من اليهودي, ولهذا قتلوا من الحجاج اليمنيين أكثر من ثلاثة آلاف حاج في سنة 1341هـ وهم في طريقهم إلى الحج, وكانوا يخاطبونهم بالمشرجين أي المشركين, ويدعونهم للإسلام الجديد الذي نشره محمد عبدالوهاب بوحي من مستر همفر.

---------------------------------------------------

اليوم بعد خراب اليمن على نفقة الدرعية يأتي داعية منها ليقول من منبر المسجد الحرام: ( ليس منا من دعا إلى حزبية) هكذا قال القرني في الخطبة التي أذاعتها السلطة على الهوى في وسائل إعلامها المسموعة والمشاهدة, وأعادت بثها ثلاث مرات قبل أن تحذفها من التغطية المكتوبة في صحفها, كررتها في حين أنها لن تغنيها في شيء بقدر ما يعكس البث المكرر مقدار الانهيار والتخبط الذي وصلت إليه السلطة التي أصبحت كالغريق الذي يتشبث بأي وسيلة نجاة مهما كان ضعفها, القرني نسب الحديث ـ الذي استهله بتلك الجملة المضافة ـ إلى النبي وهو يعلم أن تلك الجملة ليست من الحديث في شيء وان الحزبية في اليمن مقرة بالدستور والقوانين, وإن تلاعب بها النظام كما يريد, لكن لعل القرني قد نسي أنه في صنعاء, أو في دولة جمهورية أو لعله مأمور بالترويج لهذا المبدأ الجديد المتطابق مع ما في الدولة التي قدم منها.

اليوم بعد ألف وأربعمائة سنة جاء من يقول لليمنيين أن مقاومة الطاغي المستبد جريمة, وجاء يدعو إلى عدم الدفاع عن النفس متناسيا الآية الكريمة التي تقول (ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فيا شيخنا ليتك اكتفيت بأداء واجبك هناك لأن لديكم هنا جحافل ينوبون عنكم من خريجي المدارس الليلة, من الذين لحاهم أطول ومساوكهم أسمك وملابسهم أقصر, وأخيرا نقول لك لعلك نسيت أو تناسيت بأن السعودية ـ التي قد أعدت لنا أولئك الدعاة وعززتهم بك ـ هي التي تدفع تكاليف الحرب وتكاليف الانفصال وتكاليف تزييف وعي المجتمع, وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة من نصب العملاء إلى نصب الخطباء, فقد كان الأحرى بك أن توجه نصحك لمن استدعاك لتدعو له, ولملكك الذي يدفع تكاليف هذه الحرب من أموال الشعب العربي في نجد والحجاز والأحساء وتبوك.

أما نحن فإننا نعتبر قيامك بخطبة الجمعة نوع من أنواع المداهنة والتدخل في تزييف وعي المجتمع الذي تقوم به دولتك في شئوننا. بقي أن نقول لك سيدي الدكتور كان عليك أن تقتدي بموقف أويس القرني أمام عطاء ابن الخطاب وتعف عن تقبل ما أطلقت عليه الكرم الحاتمي حتى تظل على موقفك الرافض للحزن, وتتذكر قول رسول الله( ليخرجن ناس من أمتي من قبورهم في صورة الخنازير بما داهنوا أهل المعاصي وكفوا عن نهيهم وهم يستطيعون ) أما نحن فدعنا في أحزاننا, وإذا كان لا بد من مجدد لهذا الدين فليس هناك أصدق من آل البيت الذين خرج من بينهم ذلك النبي العظيم وأوصانا بإتباع تعاليمهم, أما أنت فيكفيك منا أن نشهد بأنك عائض القرني.

Wednesday, October 21, 2009

مقابلة الرئيس البيض مع العرب القطرية

هذا نص مقابلة الرئيس علي سالم البيض رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، رئيس اليمن الجنوبي مع صحيفة العرب القطرية التي نشرته يوم أمس واُعيد نشر المقابلة في العديد من المواقع:





الوحدة اليمنية فشلت.. ومن يعلن الحرب يعلن الانفصال



2009-10-20
حاوره- نورالدين قلالة


في عام 1990 أصبح رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (1986-1990) سابقاً، علي سالم البيض نائباً للرئيس اليمني علي عبدالله صالح، بعد توقيع اتفاقية الوحدة بين شطري اليمن، ليقتسم معه السلطة حتى يوم 21 مايو عام 1994، وهو اليوم الذي اندلعت فيه حرب اليمن لأسباب وظروف عديدة، وهي الحرب التي استمرت حتى يوم 7 يوليو من نفس العام.
ولجأ البيض بعد فشل محاولة الانفصال إلى سلطنة عمان المجاورة التي منحته اللجوء السياسي بشروط تتضمن عدم قيامه بأي نشاط سياسي.
وفي 21 مايو 2009 الذي صادف ذكرى الوحدة بين شطري اليمن، انتقل على سالم البيض إلى أوروبا وأعلن نيته السعي للانفصال مجددا عن الجمهورية اليمنية، مطالباً الدول العربية والعالم بتأييد مطالبه لإعادة إحياء جمهورية اليمن الجنوبي، التي لا يزال يعتبر نفسه رئيساً لها.
وفي هذا الحوار -الذي خص به «العرب»- أكد علي سالم البيض أنه يريد إعادة دولته في الجنوب، قائلا «إن من يعلن الحرب يعلن الانفصال»، في إشارة إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح هو من بدأ بشن الحرب على الجنوب.. كما قال إن مقومات الوحدة اليمنية لم يعد لها وجود، واصفاً عرض علي صالح الأخير الذي تمثل في «حكم محلي واسع الصلاحيات» بأنه «مسرحية هزلية وقنبلة دخانية من أجل التمويه على القضية الجنوبية». كما دعا البيض الأمم المتحدة إلى تنظيم استفتاء شعبي لليمنيين الجنوبيين من أجل تقرير مصيرهم باستقلال الجنوب عن الشمال، محذرا من اندلاع حرب جديدة في اليمن من شأنها أن تفتح الباب لأطماع خارجية لاستغلالها.

لماذا تنادون بانفصال الجنوب في اليمن؟

نحن لا ننادي بانفصال جنوب اليمن، بل نعمل على استعادة استقلالنا الذي تخلينا عنه في 22 مايو سنة 1990 من أجل إقامة دولة الوحدة. ولا شك أنكم تذكرون أن تلك الدولة قامت على أساس الشراكة بين دولتين هما جمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوب) والجمهورية العربية اليمينة (الشمال). وقد جرى الاتفاق على أن تكون الشراكة مستندة على الأخذ بما هو أفضل في التجربتين، وشكلنا العديد من اللجان من أجل هذه المهمة، وحددنا لإنجازها فترة انتقالية لعامين ونصف العام، لكن ما حصل هو أن الشريك الآخر تراجع عن مبدأ الشراكة وصار يعمل للسيطرة على المشروع كليا، ومن هنا بدأت الخلافات والمشاكل بعد أشهر قليلة من إعلان الوحدة.. والعالم كله يتذكر أننا حاولنا أن نصلح الوضع بالطرق السلمية، وحينما لم نتمكن من ذلك قمت بالاعتكاف في عدن في صيف 1993 للمرة الثانية، وقد استجابت الأطراف والقوى السياسية كافة للطرح الذي تقدمت به للخروج من المأزق، وتبلور ذلك في «وثيقة العهد والاتفاق» التي وقعناها في الأردن في فبراير 94 برعاية المغفور له جلالة الملك حسين وبحضور الأمين العام للجامعة العربية حينها، ولكن الطرف الآخر رفض تنفيذها.
خلاصة القول هي أن مشروع الوحدة واجه عقبات فعلية منذ البداية، ولكننا بقينا نحاول وضعه على الطريق السليم، ولذا توافقنا على مبدأ أساسي، وهو: «من يعلن الحرب يعلن الانفصال»، وقد بادر علي عبدالله صالح بإعلان الحرب على الجنوب في 27 أبريل 1994، واجتاحه وسيطر عليه، ومنذ ذلك اليوم وهو يحكم عسكريا. وبالتالي إن ما حصل هو الإجهاز على الشراكة، وما بقي قائما هو ارتباط مفروض بالقوة العسكرية. وقد قمت في 21 مايو الماضي بتأكيد إعلاني السابق بفك هذا الارتباط، ومن يومها نعمل على استعادة استقلالنا.

في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 46 للثورة اليمنية كشف الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عن مفاجأة وصفت بـ «السارة»، حيث أشار إلى أنه يتجه إلى إجراء تعديلات دستورية تضمن حقوق واسعة للحكم المحلي في جنوبي البلاد.. كيف استقبلتم هذا الطرح وكيف تردون عليه؟

هذه ليست المرة الأولى التي يعلن فيها علي عبدالله صالح عن الحكم المحلي واسع الصلاحيات، فقد سبق له أن لجأ إلى هذه المسرحية الهزلية سابقا، فهو كلما ضاق عليه الخناق في الجنوب بادر إلى رمي هذه القنبلة الدخانية من أجل التمويه على القضية الجنوبية.. نحن لا ننكر أن شعبنا في الجنوب يعاني من المركزية في الحكم، ولكن ليست هذه مشكلته الفعلية، لقد أوضحت في إجابتي السابقة أننا اتفقنا على إقامة شراكة وحدوية بين دولتين، لكن إحدى هاتين الدولتين استأثرت بالمشروع كليا، وألغت حقوق الطرف الآخر كاملة.
ونحن نعتبر أن الحكم المحلي هو عبارة عن فتات موائد، وليس التشخيص الدقيق للمشكلة.. هناك شعب في الجنوب له حقوق واضحة لا تقبل التفريط ولا المساومة، وقد حدد أهدافه بوضوح وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره واستعادة استقلاله، ولا أعتقد أنه من حق أحد أن يفرض عليه ما لا يريد تحت أي مبرر كان، وباسم أي قضية مهما بلغت أهميتها.
ورَدّي على دعوة الحكم المحلي هي الطلب من الأمم المتحدة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في الجنوب تقوم بالتحضير لاستفتاء الشعب حول الوضع الراهن، فإذا كان الشعب مع الحكم المحلي فلا نقاش ساعتها، وإذا أراد أن يستعيد استقلاله فعلى الإرادة الدولية أن تمكنه من ذلك.

قابلتم عرض الرئيس اليمني بإقامة «حكم محلي كامل الصلاحيات» في الجنوب بمظاهرات عارمة تطالب بالانفصال.. هل الانفصال غاية أم وسيلة بالنسبة إليكم؟

في جميع الأحوال فإن أي قراءة موضوعية لما يحصل في الجنوب من حراك تؤكد أن شعبنا قرر أن يمسك مصيره بيده حتى يستعيد دولته المستقلة.. وبالتالي فإن المظاهرات الحاصلة في الجنوب ليست ردا على دعوة علي عبدالله صالح للحكم المحلي، بل على العكس فقد استبق هو المظاهرات ليقدم هذا العرض البخس، فقد أراد علي عبدالله صالح من عرضه التمويه، وتصوير القضية الجنوبية على أنها عبارة عن مظاهرة احتجاجية، رغم أنه يعرف أنها أكبر من ذلك.. نعم هي بدأت كحركة مطلبية منذ حوالي ثلاث سنوات من خلال التحركات التي قام بها العسكريون المُسرَّحون من جيش الجنوب الذي صرفه علي عبدالله صالح بالكامل من الخدمة، وأبقى على جيشه القائم على الولاءات العائلية والقبلية والطائفية.
إن ما يحصل في الجنوب ليس حركة مطلبية أو هبَّة سياسية عابرة بسبب التمييز، بل هو حراك سياسي شعبي استقلالي، هدفه استعادة دولة الجنوب وعاصمتها عدن.

زعيم الحوثيين دعا مؤخرا لحوار مع كل القوى السياسية بما فيها السلطة.. لماذا ترفضون أنتم الحوار مع الرئيس اليمني؟

نثمِّن دعوة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي للحوار من أجل وضع حد لسفك الدماء.. أما بالنسبة للجنوب فكان دولة مستقلة ودخل في شراكة وحدوية وفشلت، وما يطالب به أهله هو استعادة دولتهم.

هل هناك حل لمشكلة اليمن غير اللجوء إلى الانفصال؟

القضية المطروحة ليست الانفصال، بل هي حقوق شعب الجنوب التي اغتصبت بالكامل. لقد تم إخراج الجنوبيين من مشروع الوحدة كليا، وجرى تهميشهم نهائيا على صعيدي السلطة والثروة، وحصل نهب ثروات بلادهم وتوزيعها بين المشايخ والضباط الشماليين، وتم تحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية. منذ سنة 1994 تحول الجنوب إلى غنيمة حرب، ولا يخجل أهل الحكم في صنعاء من القول «إن الفرع عاد إلى الأصل، وإن أرض الجنوب يمنية ولكن السكان لا ندري ما أصلهم، ربما كانوا من الهند أو إندونيسيا»!!؟
لقد فضح علي عبدالله صالح نفسه من جديد حين عبّر عن نظرة دونية لشعب الجنوب، فهو في خطابه الأخير قام بتكفير الجنوبيين واعتبرهم مرتدين.. هل هذا منطق رئيس دولة، أين المسؤولية؟
إذا كان الوضع على هذه الصورة فمن هو الانفصالي في رأيك، هل هو الذي يحرص على تطوير عملية التوحيد التي تقوم قبل كل شيء على الاعتراف بالآخر، وحفظ مصالحه واحترام هويته وشخصيته الثقافية، أم هو الذي يعمل في صورة منهجية للسيطرة على ثروات الجنوب؟
لا أريد أن أعود كثيرا نحو الماضي، ولكن تكفي إشارة واحدة إلى أن الذين عارضوا مشروع الوحدة هم الذين تحولوا إلى أشرس المقاتلين للدفاع عنها.. لماذا؟ لأنه صارت لهم مصالح اقتصادية في الجنوب.

تنادون بالنضال السلمي لانفصال الجنوب، لكن مظاهر الشغب وحمل السلاح في الجنوب طاغية على أي تحرك سلمي؟

أود أن أشير أولاً إلى أننا مؤمنون إيماناً تاماً بسلمية منهجنا، ولن ننجر إلى محاولات النظام لحرف الحراك السلمي عن هذا الطريق، وقد دعوت في أكثر من مناسبة شعبنا في الجنوب لكي يحذر من الفخاخ والكمائن التي ينصبها النظام لجر الحراك لاستخدام العنف. ومثلما سبق أن أوضحت فإن منهجنا يقوم على شل عضلات النظام، وإبطال مفعول قوته العسكرية، لأننا لا نريد إدخال بلادنا في حرب يستفيد منها النظام الذي اعتاد الحروب.
ثانيا: سبق أن ذكرت في أحاديث صحافية أن السقف السلمي للحراك ليس بلا نهاية، وشرحت هذه المسألة بأن بطش النظام قد يدفع بعض الناس إلى الدفاع عن أنفسهم، ولا أعتقد أن المظلومين سوف يسكتون على الظلم طويلا، ولاسيَّما أن الطرف الآخر لا يوفر مناسبة إلا ويقتل ويسجن، فلقد حوّل المدن إلى ثكنات عسكرية، يقتل ويسجن ويطارد المناضلين ويغلق الصحف، هل تعلمون أن صحيفة «الأيام» اليومية المستقلة موقوفة منذ مايو الماضي ومحاصرة، وممنوع على مالكها هشام باشراحيل الخروج من بيته؟!
ثالثا: بالنسبة للسلاح هو موجود في كل مكان والسلطة نفسها هي المسؤول عن تعميمه، وهي التي تتاجر به محليا وتصدره إلى الجوار، أما الشغب فمصدره السلطة التي تمنع المواطنين من التعبير عن أنفسهم على نحو سلمي وتقوم بقمعهم وإرهابهم وتوجيه الرصاص إلى صدورهم. لقد سقط الكثير من الشهداء والجرحى.

هناك من يتَّهمُكم بالسعي لما تسمونه «استقلال الجنوب» من أجل مصالح شخصية تضمن لكم العودة إلى الحكم؟

لو كنت ممن يسعون إلى الكراسي لما تنازلت عن الرئاسة في الجنوب وذهبت إلى صنعاء وقبلت بمنصب نائب الرئيس، لقد أقدمت على خطوة الوحدة عن قناعة. وكنت قد واجهت علي عبدالله صالح بهذه الحقيقة وقلت له: «لن تحصل من قبل أي شخص آخر على مثل الذي أعطيتك إياه، ولو كان هناك من هو على قيد الحياة من قادة الجنوب السابقين، وسار إلى الوحدة مع الشمال، فلم يكن ليقبل أن يتنازل لك عن موقع الرجل الأول، ويرضى بالموقع الثاني. ومهما بلغ الهدف من سمو، لن يسلمك دولة لا تعاني من أية مشكلة».. إن تنازلاتي التي قمت بها في هذا الميدان، كنت أطمح من خلالها إلى «تهريب الوحدة» -إذا صح التعبير- كنت أعرف أن نقطة ضعف علي عبدالله صالح هي السلطة، وأنه بحاجة إلى تطمينات وضمانات، فقررت أن أعطيه السلطة على أن أتمكن من تمرير الوحدة.***
إذن فاتهامي اليوم بأني أسعى للعودة للسلطة هو نوع من الظلم وتبسيط للقضية، فأنا أعلنت على الملأ في 22 مايو الماضي أنني تحركت استجابة لتحرك أهلي في الجنوب ومن منطلق مسؤوليتي عنهم لأنني أنا الذي وقّعت اتفاق الوحدة، وعليَّ مسؤولية أكثر من غيري لتخليصهم من الكابوس الحالي.
وبعيدا عن هذا وذاك فإن الحراك الحاصل هو عبارة عن حركة جماهيرية، انطلقت لأن مشروع الوحدة تحول إلى احتلال، وليس من أجل مصلحتي الشخصية.

ما تفسيركم لحديث علي صالح عن توجه اليمن القادم «نحو حكم محلي واسع الصلاحيات ولا مركزية إلا فيما هو سيادي»، ومخاطبته الجنوبيين بالقول: «اختاروا قيادات السلطة المحلية وتحملوا مسؤولياتكم في المحافظات والمديريات»؟

علي عبدالله صالح فقد زمام الأمر في الجنوب، وصار واضحا أن وجوده هناك عبارة عن قوة احتلال.. وهذه الحقيقة تترسخ في كل يوم على الأرض، ويدعمها وعي أهل الجنوب بقضيتهم وحقوقهم، وهو ما نلاحظه من خلال اتساع دائرة الحراك وتجذره شعبيا. ولا أبالغ إذا قلت إن كل جنوبي وجنوبية، الصغير والكبير، صار مقتنعا بقرب ساعة الخلاص.
إن ما يسعى إليه علي عبدالله صالح هو أن يجهض هذه الحالة، فهو من جهة يريد قطع الطريق على الاتجاه الاستقلالي، ومن جهة ثانية يحاول أن يبدو أمام العالم وكأنه يعترف بوجود مشكلة في الجنوب، ولهذا يرمي بقنابل دخانية من هذا القبيل. وفي جميع الأحوال هو غير جاد في إيجاد حل للأزمة، وإلا لكان اعترف بها، ولما بقي يدور من حولها.

يشهد اليمن اضطرابات واسعة في شماله وجنوبه، ففي منطقة صعدة، يخوض الجيش معارك طاحنة ضد الحوثيين، الذين تقول صنعاء إنهم يتلقون دعماً من جهات إيرانية ويتبنون معتقدات شيعية. وفي الجنوب، تطالبون أنتم رفقة مجموعة من القوى بالانفصال عن الحكومة المركزية، وقد جرت مظاهرات يوم الأربعاء الماضي في ذكرى الثورة في مناطق جنوبية تخللها مهاجمة مبان حكومية وإزالة الأعلام اليمنية.. هل تعتقدون أن حالة عدم الاستقرار هذه في خدمة الشعب اليمني؟

يجب توجيه هذا السؤال إلى من بيده مفاتيح الحل والربط، فهو يستطيع أن يجيب أفضل من غيره، لأنه هو المسؤول عن إيصال الموقف على ما هو عليه من تردٍ في الجنوب والشمال. وأظنكم تشاركونني الرأي في أنه لا يوجد أحد لا في الجنوب ولا في الشمال يسعى لإثارة المشاكل حبا في المشاكل. في الجنوب هناك حق مسلوب يريد أهله استعادته، ولم تبقَ لديهم وسيلة بعد 19 سنة من الصبر والمعاناة غير النزول إلى الشارع في حراك سلمي هدفه إجبار قوى الاحتلال على الرحيل. وهذا هو السبب الذي يقف وراء قيام المتظاهرين بإنزال الأعلام الرسمية ورفع علم دولة الجنوب. إن العملية رمزية وهي تريد توجيه رسالة لا لبس فيها، وهي أن لا مكان للاحتلال في الجنوب، لا سياسيا ولا عسكريا.

الرئيس اليمني وعد بسحق التمرد الحوثي قريبا جدا.. هل تعتقد أن الحل العسكري هو الوحيد الكفيل بتسوية الأوضاع في اليمن؟

لقد وعد بسحق الحوثيين خلال أيام معدودة وكان يريد أن يحتفل بالنصر في سبتمبر الماضي، ولكنه دخل في مستنقع يغرق فيه أكثر يوماً بعد الآخر، والسبب في ذلك أنه لا يؤمن بغير القوة، دون أن يعي أن القوة قد ترتد إلى صاحبها. إن المؤسف حقا هو إزهاق أرواح آلاف الأبرياء في حرب عبثية لا طائل منها، ولا نصر عسكريا في ختامها. وقد أدنت شخصيا هذه الحرب منذ البداية وعبرت عن تضامن أبناء الجنوب مع الأشقاء في صعدة، وناشدت الجنود الجنوبيين إلقاء السلاح والعودة إلى قراهم والتوقف عن الاستمرار في هذه المغامرة المجنونة، وقد لبّى العديد من هؤلاء النداء، وأنا أشكر لهم ذلك، كما دعوت بالمناسبة إلى عقد لقاء بين كافة الأطراف لتحريم القتال، وحل المشاكل من خلال الحوار.

اتهمكم الرئيس علي صالح بأنكم «قوى للتخلف» لأنكم تريدون العودة باليمن إلى الوراء، ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم تكتلات إقليمية ودولية كبيرة وفي عصر العولمة والاندماج والتكامل ما زلتم تنادون بالانفصال.. فما هو ردكم على ذلك؟

لم يقف عند هذا الحد في اتهاماته لأهل الجنوب، بل وصلت به الغطرسة إلى حد تكفيرهم ووصفهم بالمرتدين. وعلى العموم ليست المرة الأولى التي يخرج فيها عن الحدود المعروفة ويوزع الكلام غير المسؤول. ما يهمني في سؤالك أن تمسكنا باستعادة استقلال الجنوب لا يعني أبداً محاولة لإعادة اليمن للوراء؛ لأننا نحن الذين نادينا سنة 1990 بولادة النظام اليمني الجديد، ونحن الذين كنا نعمل على قطع كافة الخيوط التي تربط اليمن بالماضي المظلم، ونحن أصحاب مشروع الدولة الحديثة والإصلاح الاقتصادي، وقد شن علينا علي عبدالله صالح الحرب لأننا ننادي بالتحديث، والشيخ عبدالله الأحمر كان يسخر منا وينعتنا بـ «الأساتذة» لأننا مدنيون.
فوق هذا وذاك فإن الاعتراف بحقوق الجنوبيين هو قوة لليمن وتعزيز للوحدة، ولو كان علي عبدالله صالح وحدوياً فعلياً لكان احترم للجنوبيين إقدامهم على الوحدة بقلوب مفتوحة ورحيلهم إلى صنعاء متخلين عن عاصمتهم (عدن)، لكي يبدأ ضدهم حرب اغتيالات في شوارع صنعاء حيث سقط منهم في العام الأول للوحدة نحو مائة كادر بين شهيد وجريح.
أرجو ألا يحصل خلط للأمور حين يجري الحديث عن التكتلات والعولمة والاندماج والتكامل، فليس المقصود منها تنازل الشعوب عن حقوقها، انظروا إلى موقف أيرلندا من «اتفاقية لشبونه»، لقد رفضها الشعب الأيرلندي في استفتاء عام، ولم يصوت لصالحها في المرة الثانية إلا عندما تم الاعتراف بخصوصياته ومصالحه. ثم إن أوروبا الموحدة نفسها هي التي وقفت وراء حق شعب كوسوفو في تقرير مصيره وهي التي خلصته من الاحتلال الصربي.


* ألا تعتقدون أن المشاكل التي يعاني منها الجنوب هي نفسها التي يعاني منها الشمال.. فإذا كان هناك فساد أو رشوة فلماذا لا يتم محاربتها بالطرق المشروعة دون اللجوء إلى إعادة تقسيم البلاد؟

نعم هناك الكثير من المشاكل المتشابهة، والسبب الرئيسي لهذا التشابه هو أن الفاعل واحد، ولكن الفارق بين الشمال والجنوب هو أن الجنوب شريك في المشروع الوحدوي، وتم إخراجه منه. ثم إن تنمية الكثير من المناطق في الشمال تمت بفضل نهب ثروات الجنوب، وأضرب لك مثالاً بسيطاً أن موازنة مستشفى الثورة في صنعاء هي أكبر من موازنة مدينة عدن بكامل مرافقها.
لقد تم تخريب كافة المنجزات التي قمنا بها في الجنوب على صعيد الطب والتأمين الصحي والضمان الاجتماعي والسكن، وجرت عملية مركزة في صنعاء.. مستشفيات عدن ومرافقها صارت كأنها تعرضت لزلزال.
نعم المشاكل متشابهة ولكنهم يعملون وفق عقلية «الشمال هو الأصل»، وهذا ما دفع بالجنوبيين للعودة إلى هويتهم، لقد ظلوا لمدة 19 سنة يبحثون عن أنفسهم في الوحدة وحين لم يجدوها عادوا يطالبون باستعادة دولتهم.


تتحدثون عن الفساد في سلطة الرئيس اليمني وتحرصون على إقامة حفلات زواج أسطورية لأفراد عائلتكم بملايين الدولارات، حتى أن البعض وصفها بأنها حفلات من ليالي ألف ليلة وليلة وأنه لا سابقة لها ولا في عهد البرامكة.. ألا يعتبر هذا «الإنفاق البذخي» استفزازاً لمشاعر اليمنيين؟


لا أعرف عن أي حفلات تتحدثون، ويبدو أن معلوماتكم مستقاة من بعض مواقع الإنترنت التي تحولت للأسف لدى البعض إلى وسيلة للدس الرخيص وكيل الشتائم وتلفيق الأكاذيب الخيالية واتهام الناس وتشويه صورهم. والمؤسف في عالمنا العربي أيضاً أن الخلاف السياسي لا يقف عند حدود السياسة، بل إن البعض لا يتورع عن تشويه صورة الخصم، حينما يعجز عن مقارعته سياسيا.


ما مصدر كل تلك الأموال، أنتم متهمون من طرف جهات عديدة بإفراغ خزينة الدولة أيام كنتم نائباً للرئيس، وبتلقيكم الدعم من قبل أجهزة استخبارية عربية وغربية لإعادة الحكم إلى سابق عهده؟


لا أدري عن أي أموال تتحدث، فأنا لم أكن مسؤولاً مالياً، ولا آمراً للصرف، ولم تكن لديّ سلطة صرف مالي لا في دولة الجنوب ولا في مرحلة الوحدة، وبالتالي فإن محاولة توجيه تهم مالية لي هو نوع من الاتهام السياسي الواضح، والذين يلجؤون إلى هذا الأسلوب عاجزون عن مواجهتي سياسيا.
أما المسؤول عن إفراغ خزينة الدولة ليس سرا، فالعالم كله يعرفه.. وقد كان أحد أسباب اعتكافي سنة 1993 هو احتجاجي على هذه القضية، فلقد اختلفنا علانية مع علي عبدالله صالح على أمرين: الأول عائدات النفط التي رفض إدراجها في الموازنة.. والثاني موازنة الرئاسة، فقد رفض تحديد موازنة ثابتة وظل يصرف دون قيود مالية، وفي وسعكم العودة إلى جميع أعضاء الحكومة في ذلك الوقت، والأخ رئيس الوزراء في حينه حيدر أبوبكر العطاس شاهد على ما أقول، فهو عجز في حينه عن إلزام وزير المالية علوي السلامي بقرارات مجلس الوزراء لأنه كان يتلقى أوامره من علي عبدالله صالح شخصيا.
وبصدد حديث الأجهزة أرى أنكم أخطأتم العنوان أيضاً فنحن معروفون بالمبالغة في طهرانيتنا خلال حكم الجنوب وليس العكس، وهذا شرف نعتز به، أما شركاؤنا في الطرف الآخر فقد كانوا يتعاونون علانية مع الرئيس العراقي صدام حسين الذي وعد علي عبدالله صالح بالمساعدة على تصفيتنا، فهو صاحب خبرة في تصفية الخصوم.


زعيم القاعدة في جزيرة العرب أبونصير ناصر الوحيشي سبق له أن أعلن دعمه للجنوبيين.. فهل تتلقون دعما من القاعدة؟


رددنا على تصريحات المذكور في حينه، وعبّرنا عن رفضنا لها، وفنّدناها. ونحن على ثقة أن توقيتها ليس بريئا، فالهدف منها هو تسجيل موقف على الحراك الجنوبي، فالقاصي والداني يعلم أن لا صلة لنا بهذا التنظيم لا من بعيد ولا من قريب، وقد شارك في القتال ضدنا سنة 1994، ودبر العديد من الاغتيالات لرفاقنا بتوجيه من أجهزة الأمن في الرئاسة اليمينة. ولا أذيع سرا إذا قلت لكم أن العديد من زعماء تنظيم القاعدة هم ضباط في الرئاسة لدى علي عبدالله صالح، وهذا أمر يعرفه الأميركيون والأشقاء في السعودية ومصر، وهم يعرفون من قام بتهريب الضالعين بالهجوم على المدمرة كول. وبحكم معرفتي حين كنت في صنعاء فإن المسؤول عن كل هذه الشبكات هو علي محسن الأحمر، الأخ غير الشقيق لعلي عبدالله صالح، وكل ما يصدر عن هذه الجماعة في اليمن هو من تدبير أجهزة الرئاسة، لذلك أدعو العالم والعرب ألا ينخدعوا بدعاية تهديد وخطر تنظيم القاعدة في اليمن لأن كلمة سر هؤلاء في الرئاسة اليمنية.


لماذا قرر علي سالم البيض في مايو 2009 الهجرة إلى أوروبا ومواصلة النضال من أجل «استقلال الجنوب» من هناك.. هل كنت مهددا من جهة ما؟


قررت الهجرة إلى أوروبا لعدة أسباب: الأول هو احترامي للاتفاق الذي تم بيني وبين الأشقاء في سلطنة عمان بعدم ممارسة العمل السياسي طالما كنت على أراضيهم. والثاني لأن لديّ إقامة في بلد أوروبي. والثالث هو أن أوروبا تسمح لي بالحديث والنشاط السياسي.
أما عن التهديدات فأنا كنت في أمان تام في سلطنة عمان، ولم أخشَ على حياتي أبداً، فالسلطنة آمنة وقدمت لي كل ما يمكن على هذا الصعيد.


والآن.. هل ما زلت تشعر بنفس التهديد بحكم الإجراءات الأمنية التي تفوق حد الوصف التي تحيط بشخصكم؟


كما سبق أن أشرت فأنا لم أتعرض لتهديدات بل لتحرشات من خلال مكالمات هاتفية، وإن كنت لا أثق على الإطلاق بحكام صنعاء.


بوجودكم في أوروبا ألا تعتقدون أن جهات كثيرة قد تستغل الوضع في اليمن من أجل الحصول على تنازلات كثيرة من
الحكومة اليمنية والضغط عليها فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب والتسلح ونشر القواعد العسكرية وحقوق الإنسان؟

لا تحتاج الحكومة اليمنية لمن يضغط عليها؛ فقد قدمت نفسها على الدوام وكيلا للقوى الغربية في المنطقة، فهي من

يقترح على القوى الغربية اعتمادها كعميل، ويعود هذا النهج إلى زمن قديم فقد عرفت صلات علي عبدالله صالح بالأجهزة الاستخباراتية الأميركية منذ منتصف الثمانينيات أيام جورج بوش الأب.. واليوم لا تفوت صنعاء مناسبة إلا وتتسول فيها لدى الأطراف الغربية من أجل مساعدة النظام على تثبيت نفسه تحت ذريعة أنه مهدد من قبل قوى إرهابية، ولا أرى أي مبرر لأن يتعرض هذا النظام للتهديد.



***

بل قام بتهريب الوحدة أيضاً حتى بعدم الإعلان عن الإكتشافات النفطية في الجنوب خوفاً من أن ينقلب الجنوبيين ويعيدون التفكير بالوحدة...سامحك الله يا رئيس لكن نحترم الرجال التي تعترف بأخطائها ثم تقوم لتصحح الأمور بكل الوسائل الممكنة...معاً لإستعاده إستقلال اليمن الجنوبي.

Thursday, October 15, 2009

ردفان الثورة


النشيد الوطني لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية
People's Democratic Republic of Yemen
National Anthem






مفجر ثورة الرابع عشر من اكتوبر الشهيد راجح غالب لبوزة



بمناسبة ثورة الرابع من أكتوبر المجيدة وفي الذكرى السادسة والاربعون لتفجرها في جبال ردفان ضد المستعمر البريطاني المحتل، تم تنظيم مهرجان جماهيري كبير في ردفان الابيه ذاتها بدعوة من مختلف مكونات الحراك السلمي الجنوبي للتظاهر سلمياً بهذه المناسبة الغالية على قلب كل مواطن جنوبي، يوم أمس تظاهر مئات الالاف حسب موقعي الجنوب العربي تايمز والطيف وبلغ حوالي النصف مليون نسمه حسب الجزيرة.

خرج المتظتاهرون الذي توافدوا إلى ردفان والبعض منهم وصل من قبل أيام لردفان نظراً للمنع التي تمارسة سلطات الإحتلال الشمالية من قطع للطرق يمنع أبناء الجنوب اليمني من التعبير بحرية بالتجمع والتظاهر وهو ما كان جلياً صبيحة يوم المهرجان حيث منع أبناء عدن من الوصول وتكمن أبناء الضالع ويافع وردفان وبعض المناطق في لحج وابين من الوصول بشكل اسهل من غيرهم ولكن أبناء شبوة وحضرموت والمهرة نظموا المظاهرات في محافظاتهم نظراً لعدم تمكنهم من الإنتقال بحرية وهو تعدي على أبسط الحقوق الإنسانية المكفولة دستورياً والمواثيق الدولية.

المظاهرة الحاشدة التي خرجت وفاءً لمسيرة النضال السلمي وشهداء الحراك الجنوبي الذين إستشهدوا على يد قوات الامن المحتلة في مسيرات سلمية يطالبون فيا بفك الإرتباط بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية اللتان توحدتا سلمياً في 1990 لكن تم القضاء على الوحدة السلمية بحرب أهلية إنتصرت فيها الشمال ممثلاً بالجمهورية العربية اليمنية على الجنوب ممثلاً بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 1994 وتم إحتلال الجنوب بالقوة وفرض الوحدة القسرية بالدم تماماً كما إدعى الإستعمار الفرنسي بأن الجزائر أرض لا يتجزاء من فرنسا الام لتبرير إستعمارها في تعدي صارخ لحق الشعوب في تقرير مصيرها، الامر ذاته يتكرر في المششهد اليمني حيث تصر صنعاء عاصمة شمال اليمن على أن الجنوب جزء منها بينما هو في الواقع إحتلال بشع يتماهى مع الطريقة الفرنسية في الجزائر، برغم أن الوحدة كانت بطريقة سلمية بتوقيع رئيسي الجنوب والشمال لكنها سقطت نهائياً بفعل الحرب والضم القسري وهو الإحتلال بما تعنيه الكلمة من معنى.

خرج المتظاهرون ليذكروا العالم بقضيتهم الجنوبية الخالصة وحقهم في إستعادة دولتهم المسلوبة بالحرب ودعوة المجتمع الدولي للظغط على نظام صنعاء المحتل للتدخل لإيجاد حل بشكل سلمي يضمن حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم وفك أسرى المعتقليين الذين تستمر السلطات بإعتقالهم وتعذيب البعض منهم وترحيلهم لصنعاء في إستهتار واضح بحرية الإنسان في التعبير عن رايه. المتظاهرين رفعوا ألاعلام الجنوبية التي ترمز لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التي دخلت بالوحدة طوعاً وأنتهت غصباً وإحتلالاُ.


المظاهره هي إستمرار للمظاهرات السلمية التي بلغت الالاف في كل اصقاع الجنوب، والتي نادت بفك الإرتباط ورفض وحدة الخيانة والحرب، وقد سبق المظاهرة الكبرى يوم أمس مظاهرات كبرى في الضالع وردفان واليوم الخميس مظاهرة كبرى في يافع ايضاً.


في ملخص ليوم الامس الذي مر دونما أن تحاول القوات الامنية ان تتدخل في ردفان وإنما إكتفت بمراقية الحشود العضيمة التي خرجت بعشرات الالاف وإكتفت بمنع أبناء المحاظات المجاورة من الوصول لردفان الثورة، لكن الامن قامت بقمع التظاهرات التي خرجت في عدن وحضرموت والمهره وشبوة وقد نشبت مواجهات في المكلاء التي شهدت مع المهره إنتشاراً أمني كبير للغاية وقمعت المظاهرات وتم إعتقال العديد من الجنوبيين الاحرار كما تم قمعهم وإعتقالهم في كريتر والشيخ عثمان بعدن.

هذا وقم صدرت تصريحات من الرئيس الشرعي للجنوب، الرئيس على سالم البيض من منفاه في النمسا تدعو لمواصله النضال السلمي ضد الإحتلال الشمالي للجنوب وتصريحات للرئيس الجنوبي السابق علي ناصر محمد ترحم فيها على ارواح الشهداء منذ عهد الإستعمار البريطاني ولغاية اليوم من شهداء الحراك السمي الجنوبي ودعا فيها لمواصله النضال سلمياً من منفاه في سوريا.
وألقيت كلمات معبره في المهرجان إستدعت ارواح الشهداء الابرار والتاكيد على السير بنهجهم، نهج الحرية والإستقلال ورفض الخنوع لكائن من كان وكما قد إندحرت الامبراطورية التي لا يغيب عنها الشمس فإندحار الحتلال الشمالي للجنوب لن يكون أصعب، وتم التاكيد على توحيد الصفوف الجنوبية جميعاً ليكون لها صوت وصدى من أجل إيصال الرسالة للعالم والعمل على تحقيقها سلمياً حفاظاً على مكتسبات الشعب وعدم إراقة الدماء.

الكلام يطول في وصف هذا اليوم العظيم لكن فقط يجدر الإشارة إلى موقف الإحتلال الشمالي ممثلاً بالرئيس علي عبدالله الذي وفيما كان يحاول سرقة ذكرى ثورة الجنوب بإحتفاله بها وهي منه براء ودعوته في إحتفاله إلى حكم واسع الصلاحيات ، وهو الامر الذي للأسف تناقله الإعلام العربي وكانه مبادرة من الرئيس لحل القضية الجنوبية وأعطي لتصريحاته تلك قيمه برغم أن الرئيس نفسه قبل 5 ايام وصف الجنوبيين بالمرتدين عن الإسلام لانهم يريدون الإرتداد عن الوحدة!!!؟ فكيف يمكن لرئيس بهذا الخطاب أن يقدم رؤية لحل قضية لا تحتاج للتسويف والمماطلة وحتى دعواه للحكم المحلي ليست بجديدة بل تطرح منذ سنوات عديدة دونما أن تقدم أو تؤخر شيئا للجنوبيين الذين يطلبون الإستقلال ولا شيء غيره ورغم هذا الإعلام العربي تناول تصريحاته وكانها جديدة برغم أنها قد تعفنت في أدراج الحكومة منذ سنوات عديدة، برغم كل هذا فلقد أوصل الجنوبيين صوتهم للعالم أجمع وحتى في مختلف الدوريات الإخبارية العالمية.


هنا الصور ومقاطع فيديو مجمعه للمظاهرة الكبرى يوم أمس والمظاهرات الاخرى والفعاليات التي خرجت قبل أيام أيضاً


أولاً: أفلام فيديو لمظاهرة يوم أمس بردفان بمناسبة ذكرى الثورة واخرى خرجت بشبوة
First: Videos of yesterday demonstration in Radfan plus other in Shabwah:





























في شبوة
In Sahbwah






ثانياً: صور من مظاهرة ردفان يوم أمس وللمزيد من الصور في شبطة الطيف ومنديات الضالع بوابة الجنوب

Second: Picture of Radfan demo. & for extra pictures visit Al-Teef and Dhala South Gate Forums


الصورة الاولى تم نشرها في موقع وولستريت جورنال يوم امس والتعليق عليها من الصحيفة كان

First picture had been published on Wall Street Journal website yesterday and comment of it was:

Antigovernment demonstrators rallied for South Yemen’s independence near Habileen, Yemen, Wednesday. The area, which was a separate country until it unified with the north in 1990, complains that it is discriminated against.





































ثالثاً: صور من المتظاهرين يوم 13 اكتوبرفي ردفان وقبلها في الضالع عند تشييع شهداء الجنوب قبل أيام
Third: Picture of demo. on 13.10 in Radfan & demos. before in Dhala:























































رابعاً: صور من المتظاهرين يوم أمس أمام الامم المتحدة بنيويورك والمزيد من الصور هنا وبيانهم الذي أصدره أبناء الجنوب في امريكا الشمالية هنا
Foruth: Pictures of yesterday demo. in front of UN building in NY, extra picture here & announcement of Southern people in North America here:












وفي الاخير...تهنة لابناء شعبنا العظيم وإهداء أغنية يا شباب الرائعة لاحد أعلام الإستقلال الفنان الكبير محمد محسن العطروش





الصور منقولة من شبكة الطيف ومنتديات الضالع بوابة الجنوب ومن الاصدقاء على الفيسبوك ومن صحيفة وولستريت جورنال
ً

Wednesday, October 14, 2009

14/10/1963 - 10/14/2009


بعد دقيقة سينقضي يوم الرابع عشر من أكتوبر ليطلع لنا يوم جديد، الايام تمر والساعات والدقائق فماذا عنى لنا هذا اليوم المجيد؟



أعتقد وبكل بساطة ... إننا قد أوصلنا صوتنا الذي يجب على الجميع أن يسمعه، إننا شعب حر لا يقبل ولا يساوم على حريته أو كرامتة مهما دارت الايام وتقلبت الازمان، فنحن شعب من الثوار قدمنا وسنضل نقدم أغلى ما نملك في سبيل أرضنا الطاهرة التواقة لروح الحرية من ظلم القريب الذي إمتهن الخيانة درباً ليسلكه والفساد منهج له والقتل وسيله لتحقيق غاياته.



الجنوب اليمني كان حراً وسيظل حراً وإذا الشعب يوماً اراد الإستقلال فلا بد أن يستجيب القدر ولابد للإحتلال أن ينهزم ولا بد للقيد أن ينكسر ... وبالاخير الرحمة لارواح شهدائنا الابرار الذين علمونا معنى الوطنية الصرفة

Monday, October 12, 2009

الإسلام السياسي الوجة الآخر للراسمالية المتوحشة


مقال يدعو للتفكير ملياً في ما بات يعرف اليوم بالإسلام السياسي، للكاتب والمفكر المصري سمير أمين من كتابه : ما بعد الراسمالية المتهالكة الصادر عن دار الفارابي الملحق السادس بعنوان عريض هو


الإسلام السياسي الوجة الآخر للراسمالية المتوحشة


1-

يقع في خطأ كبير من يعتقد أن ظهور حركات سياسية مرتبطة بالإسلام، تعبئ جماهير واسعة، هي ظاهرة مرتبطة بشعوب متخلفة ثقافياً وسياسياً على المسرح العالمي، وهي شعوب لا تستطيع أن تفهم سوى اللغة الظلامية التي تكاد ترتد لعصورها القديمة وحدها. وهو الخطأ الذي تنشره، على نطاق واسع، أدوات الإتصال المسيطرة، التبسيطية، والخطاب شبه العلمي للمركزية الأوربية. وهو خطاب مبني على أن الغرب وحده هو القادر على إختراع الحداثة، بينما تنغلق الشعوب الإسلامية في إطار تقاليد "جامدة" لا تسمح لها بفهم وتقدير حجم التغييرات الضرورية.

ولكن الإسلام والشعوب الإسلامية لها تاريخها، مثل بقية الشعوب، والذي يمتلئ بالتفسيرات المختلفة للعلاقات بين العقل والإيمان، وبالتحولات والتغيرات المتبادلة للمجتمع وديانته. ولكن حقيقة هذا التاريخ تتعرض للإنكار لا على يد الخطاب الأوربي المركزي وحسب، بل أيضاً على يد حركات الإسلام السياسي المعاصرة. فكلا الطرفين يشتركان في الواقع، في الفكرة الثقافية القائلة بأن المسارات المختلفة للشعوب لها "خصوصيتها" المتميزة غير القابلة للتقييم والقياس والعابرة للتاريخ. ففي مقابل المركزية الأوربية، لا يقدم الإسلام السياسي المعاصر سوى مركزية أوربية معكوسة. وظهور الحركات التي تنتسب للإسلام هو في واقع الأمر التعبير عن التمرد العنيف ضد النتائج السلبية للرأسمالية القائمة فعلاً، وضد الحداثة غير المكتملة والمشوهة والمضللة التي تصاحبها. إنه تمرد مشروع تماماً ضد نظام لا يقدم للشعوب المعنية أية مصلحة على الإطلاق.

2 -
إن الخطاب الإسلامي الذي يقدم كبديل للحداثة الرأسمالية -والتي تُضم إليها تجارب الحداثة الإشتراكية التاريخية أيضاً-، ذو طابع سياسي وليس ديني. أما وصفه بالأصولية كما يحدث غالباً، فلا ينطبق عليه بأي شكل، وهو، على أية حال، لا يستخدمه إلا على لسان بعض المثقفين الإسلاميين المعاصرين الذين يوجهون خطابهم الى الغرب بأكثر مما يوجهونه الى قومهم. والإسلام المقترح هنا معادٍ لجميع أشكال لاهوت التحرير، فالإسلام السياسي يدعو الى الخضوع لا التحرر. والمحاولة الوحيدة لقراءة الإسلام في إتجاه التحرر كانت تلك الخاصة بالمفكر الإسلامي السوداني، محمود طه. ولم تحاول أية حركة إسلامية، "لاراديكالية ولا "معتدلة"، أن تتبنى أفكار محمود طه الذي أعدمه نظام نميري في السودان بتهمة الردة. كذلك لم يدافع عنه أي من المثقفين الذين ينادون بالنهضة الإسلامية" أو الذين يعبرون عن الرغبة في التحاور مع هذه الحركات. والمبشرون "بالنهضة الإسلامية" لا يهتمون بإمور اللاهوت، وكل ما يبدون إهتمامهم به من الإسلام هو الشكل الإجتماعي والتقليدي للدين، الذي لا يخرج عن الممارسات الدقيقة والشكلية للشعائر. والإسلام كما يتحدثون عنه يعبر عن "جماعة ينتمي إليها الإنسان بالإرث كما لو كانت جماعة"، عرقية" وليس إعتقاداً شخصياً يختاره المرء أو لا يختاره، يؤمن به أو لا يؤمن. فالأمر لا يتجاوز تأكيد "هوية "جماعية"، ولهذا السبب ينطبق تعبير الإسلام السياسي على هذه الحركات تماماً.

3 -
لقد جرى إختراع الإسلام السياسي الحديث في الهند على يد المستشرقين لخدمة السلطة البريطانية، ثم تبناه وبشر به المودودي الباكستاني بكامله. وكان الهدف هو "إثبات أن المسلم المؤمن بالإسلام لا يستطيع العيش في دولة غير إسلامية - وبذلك كانوا يمهدون لتقسيم البلاد- لأن الإسلام لا يعترف بالفصل بين الدين والدولة حسب زعمهم. وهكذا تبنى أبو العلاء المودودي فكرة الحاكمية لله (ولاية الفقيه؟!"، رافضاً فكرة المواطن الذي يسن التشريعات لنفسه، وأن الدولة عليها أن تطبق القانون الساري للأبد "الشريعة". والإسلام السياسي يرفض فكرة الحداثة المحرّرة، ويرفض مبدأ الديمقراطية ذاته -أي حق المجتمع في بناء مستقبله عن طريق حريته في سن التشريعات. أما مبدأ الشورى الذي يدعي الإسلام السياسي أنه الشكل الإسلامي للديمقراطية، فهو ليس كذلك، لأنه مقيد بتحريم الإبداع، حيث لا يقبل إلا بتفسير التقاليد "الاجتهاد"، فالشورى لا تتجاوز أياً من أشكال الاستشارة التي وجدت في مجتمعات ما قبل الحداثة، أي ما قبل الديمقراطية. ولا شك أن التفسير قد حقق في بعض الحالات تغييراً حقيقياً عندما كانت هناك ضرورات جديدة، ولكنه حسب تعريفه ذاته -رفض الانفصال عن الماضي- يضع الصراع الحديث من أجل التغيير الاجتماعي والديمقراطية في مأزق. ولذلك فالتشابه المزعوم بين الأحزاب الإسلامية -راديكالية كانت أم معتدلة حيث إنها جميعاً تلتزم بمعاداة الحداثة بحجة خصوصية الإسلام- والأحزاب الديمقراطية المسيحية في أوربا ليس صحيحاً بالمرة، رغماً عن أن وسائل الاتصال والديبلوماسية الأمريكية تشير إليه كثيراً لإضفاء الشرعية على تأييدها المرتقب للأنظمة " الإسلامية" في المستقبل. فالديمقراطية المسيحية قائمة في نطاق الحداثة، وهي تقبل الفكرة الأساسية للديمقراطية الخلاقة، وكذا جوهر فكرة العلمانية.

أما الإسلام السياسي فيرفض فكرة الحداثة، وهو يعلن ذلك حتى وإن كان لا يستطيع فهم مغزاها. وعلى ذلك فالإسلام المقترح لا يمكن وصفه بالحداثة، والحجج التي يقدمها المنادون " بالحوار" لإثبات ذلك مبتذلة لأقصى درجة، وتبدأ من إستخدام دعاة الإسلام لأشرطة الكاسيت لترويج الدعوة، وحتى لقيام الدعاة بتجنيد الأتباع من بين الفئات "المتعلمة" كالمهندسين والأطباء مثلاً! وعلى أية حال، فخطاب هذه الحركات لا يعرف إلا الإسلام الوهابي الذي يرفض كل ما أنتجه التفاعل بين الإسلام التاريخي وبين الفلسفة الإغريقية في زمانه، كما يكتفي بتكرار الكتابات التي لا طعم لها لإبن تيمية، الذي هو أكثر الفقهاء رجعية في العصر الوسيط. وعلى الرغم من إدعاء بعض الدعاة بأن هذه التفسيرات هي "عودة الى الإسلام في عهد الرسول"، فإنها في الحقيقة عودة الى الأفكار السائدة منذ 600 عام، أي الى الأفكار السائدة في مجتمع تجمد تطوره لعدة قرون.

4 -
والإسلام السياسي المعاصر ليس نتيجة لرد الفعل لإساءات العلمانية كما يدعي البعض كثيراً مع الأسف. ذلك أن أياً من المجتمعات الإسلامية العصرية - بإستثناء الإتحاد السوفياتي السابق- لم يكن في وقت من الأوقات علمانياً بشكل حقيقي، ودع عنك التعرض لهجمات سلطة "ملحدة" عدوانية بأي شكل من الأشكال. فقد اكتفت الدول شبه الحديثة في تركيا الكمالية، ومصر الناصرية، وسوريا والعراق البعثيين، بتدجين رجال الدين "كما حدث كثيراً من قبل"، وذلك بأن تفرض عليهم خطاباً هدفه الوحيد إضفاء الشرعية على اختياراتها السياسية. أما نشر فكرة العلمانية فلم توجد إلا لدى بعض الأوساط المثقفة المعارضة، ولم يكن لها تأثير يذكر على الدولة، بل إن الدولة قد تراجعت في بعض الأحيان في هذا المجال، خدمة لمشروعها الوطني، كما حدث من تطور مزعج حتى في عهد جمال عبدالناصر نفسه بالنسبة لموقف الوفد بعد ثورة عام 1919. ولعل التفسير الواضح لهذا التراجع هو أن الأنظمةالمعنية، إذ رفضت الديمقراطية، فضلت عليها تجانس "المجتمع"، الأمر الذي تظهر خطورته حتى بالنسبة لتراجع الديمقراطية في الغرب المعاصر ذاته. ويهدف الإسلام السياسي الى إقامة أنظمة دينية رجعية صريحة، مرتبطة بسلطات من طرا "المماليك"، أي سلطة تلك الطبقة العسكرية الحاكمة قبل قرنين من الزمان. ومن يراقب عن كثب الأنظمة المتدهورة التالية لمرحلة الفورة الوطنية، والتي تضع نفسها فوق أي قانون "بإدعاء أنها لا تعترف إلا بالشريعة". وتستولي على كل مكاسب الحياة الاقتصادية، وتقبل، باسم "الواقعية"، أن تندمج في وضع متدنٍ، في العولمة الرأسمالية لعالم اليوم، لا يمكن إلا أن يربط بينها وبين تلك الأنظمة المملوكية. وينطبق نفس التقييم على نظيرتها من الأنظمة المدّعى بإسلاميتها والتي ظهرت مؤخراً.

5 -
ولا يوجد اختلاف جوهري بين التيارات المسماة "بالراديكالية" للإسلام السياسي، وبين تلك التي تفضل تسمية نفسها "بالمعتدلة" فمشروع كل من النوعين متطابق. وحتى إيران لا تشذ عن القاعدة العامة، بالرغم من الارتباك الذي حدث عند تقييم نجاحها، الذي تحقق بسبب الالتقاء بين تقدم الحركة الإسلامية، والصراع الناشب ضد دكتاتورية الشاه المتخلفة اجتماعياً والمرتبطة سياسياً بالأمريكان. ففي المرحلة الأولى، عوضت المواقف المعادية للاستعمار للسلطة الدينية من غلواء تصرفاتها الجامحة، وهذا الموقف المعادي للاستعمار هو الذي منح هذه السلطة شرعيتها، كما كانت له أصداء قوية من التأييد خارج إيران. ولكن النظام لم يلبث أن ظهر عجزه عن قبول التحدي المتمثل في اقتراح تنمية اقتصادية واجتماعية مجدّدة. فدكتاتورية العمائم "رجال الدين" التي حلت محل دكتاتورية الكابات (العسكريين والتكنوقراط)، كما يقال في إيران، قد أنتجت تدهوراً خطيراً في الأجهزة الإقتصادية للبلاد. وإيران التي كانت تهدف أن تصبح مثل "كوريا"، قد انتهى بها الأمر أن تنضم الى "العالم الرابع". وتجاهل الجناح المتشدد في الحكم للمشاكل الاجتماعية التي تواجه الطبقات الشعبية، هو الذي أدى الى نجاح من يسمون أنفسهم بالمعتدلين، لأنهم أصحاب مشروع يمكن أن يخفف ولا شك، من تشدد الديكتاتورية الدينية، ولكن دون التخلي عن مبدأها الاساسي، وهو ولاية الفقيه الوارد في الدستور. يجد نظام الإسلام السياسي في إيران نفسه في مأزق، ويجب أن يصل الصراع السياسي والاجتماعي الذي يقوم به الشعب الإيراني اليوم بشكل صريح، الى رفض مبدأ ولاية الفقيه الذي يضع جماعة رجال الدين فوق كل مؤسسات المجتمع السياسية المدنية، وهذا هو شرط نجاح هذا الصراع. إن الإسلام السياسي هو مجرد تحوير للوضع التابع للرأسمالية الكومبرادورية، ولعل شكله "المعتدل" يمثل الخطر الأكبر بالنسبة للشعوب المعنية. ويعمل التأييد الواضح لدبلوماسية ثالوث الدول الكبرى بقيادة الولايات المتحدة لهذا "الحل" للمشكلة، في فرض النظام الليبرالي للعولمة الذي يعمل لمصلحة رأس المال المسيطر.

6 -
لا يتعارض خطاب رأس المال الليبرالي للعولمة مع خطاب الإسلام السياسي، بل هما في الواقع يكمل أحدهما الآخر تماماً. فالإيديولوجية "الجماعية" على الطريقة الأمريكية، التي يجري الترويج لها حالياً، تعمل على إخفاء الوعي والصراع الاجتماعي لتحل محلهما "توافقات" جماعية مزعومة تتجاهل هذا الصراع. واستراتيجية سيطرة رأس المال تستخدم هذه الإيديولوجية لأنها تنقل الصراع من مجال التناقضات الاجتماعية الحقيقية الى العالم الخيالي، الذي يوصف بأنه ثقافي مطلق عابر للتاريخ. والإسلام السياسي هو بالدقة ظاهرة "ماعية".

ودبلوماسية القوى السبع العظمى، وخاصة الدبلوماسية الأمريكية، تعرف جيداً ماذا تفعل عندما تؤيد الإسلام السياسي. فقد فعلت ذلك في أفغانستان، وأطلقت على الإسلاميين هناك إسم "المحاربين من أجل الحرية"! ضد الديكتاتورية الشيوعية الفظيعة، مع أن النظام الذي كان قائماً هناك، كان مجرد محاولة لإقامة نظام إستبدادي مستنير حداثي وطني شعبي، كانت لديه الجرأة لفتح أبواب المدارس للبنات. وهي مستمرة في هذا التأييد من مصر الى العراق، لأنها تعلم أن الإسلام السياسي سيحقق -لها- إضعاف مقاومة الشعوب المعنية، وبالتالي تحويلها الى الكومبرادورية.

ونظام الحكم الأمريكي، بما عرف عنه من استغلال لأخطاء الآخرين، يعرف كيف يستخلص فائدة أخرى من الإسلام السياسي. فهو يستغل "تخبطات" الأنظمة التي تستلهمه -مثل نظام طالبان- "وهي في حقيقة الأمر ليست تخبطات وإنما هي جزء لا يتجزأ من مشروعها"، كلما فكرت الإمبريالية في التدخل، بفظاظة إن لزم الأمر. والحركات الإسلامية الوحيدة التي تهاجمها بلا تردد القوى السبع الكبار، هي تلك التي تنخرط - بسبب الظروف الموضوعية المحلية - في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، مثل حماس وحزب الله، وهذا ليس من قبيل الصدفة.

Tuesday, October 06, 2009

صعدة Sa'dah

صعده تموت ولا احد من مجيب سوى أزيز الطائرات وطلقات الرصاص وشضايا المدافع ترتد لصدى نحيبها، كان الله في عون المظلموين في كل مكان... ألا لا بارك الله فينا ونحن نتفرج على الاخبار كأنها مسلسل يومي! أصار دم الإنسان أرخص من ثمن رصاصة يتاجر بها تجار الموت في صنعاء ومن معها؟
إنا لله وإنا إليه راجعون

فيديو يظهر بشاعة الجرائم في حق أبناء صعدة الذين رفضوا ظلم الاقربين فكانوا أبشع واجرم من الأبعدين


Sa'dah dying ....God be with them, regime in Sana'a kills inisent people without any punishment!
Crimes against humanity & the whole world is watching like is TV show!

Video shows how much war of criminal regime in Sana'a become intolerable.

Note: film contains pictures impassion pain.

ملحوظة: الفلم يحتوي على صور مؤلمة