لا هان عزيز قومٍ ذل

ألمشهد:
الشارع مزدحم بحركة المارة والسيارات, كل منهمك في عمله وآخرون منهمكون في عوالمهم الأُخرى.
وسط هذا الزحام والتخبط كان الباص الذي يقل سبعه ركابٌ محشورين فيه, وبينما هم فيه والسائق يحاول أن يمر من خلال الزحام الخانق, كان احد عمال النظافة المتصبب عرقاً يقوم بمسح الأرض دون كللٍ أو ملل بالرغم بأن عملهُ وسط مثل ذلك الزحام يبدو بلا أمل أو نَتيجة.
ولكن رغم كل ذلك كان مستمر في عمله منحني الظهر ومستغرقٌ فيه, إذا تأملهُ أحد المارة للحظه لشعر بإحساس غريب!
وبينما العامل منهمك في عمله ولو رايته لرأيت في عينيه انه يفكر متى سيكمل هذا الركن من الشارع المزدحم ليخلص نفسه من الازدحام وربما نظرات المارة إليه.
وفي الباص وبينما يشق طريقه بالزحام قام احد الركاب ألسبعه برمي منديل ورقي!
لقد كانت لحظه من اللحظات التي لن تزول من ذاكرتك ما حييت, فقد رمى المنديل إلى قُرب العامل كمعروف منه من أجل أن يقوم العمل بكنسها بسهوله.
وفي لحظه ربما لم يدركها الرجل والعامل معاً..
فدون حتى أن يلتفت العامل أو أن يشغل الرجل نفسه بمشاهدة ما حدث بعد رميه المنديل, فالعامل استمر بالكنس دون الاِلتفات إلى مصدر المنديل كنس المنديل أيضاً.
لقد كانت لحظةٌ مؤثره للغاية.



فانا أُجزم انه ما عاد في نفسه من نظرات المارة من شيْ فهذا قدره وبالله الاِحتساب.
يا ألله..
انك قد أعطيت كل ذي قدر حقه, فذنب من أن يصل بعامل عجوز إلى ما وصل إليه من..
إنها الدنيا البخسة التي لا قيمه لإنسان فيها مهما حاول أن يتكبر فهو ليس أكثر قدراً من ذلك العامل أبداً ولكنها الأيام نداولها بين الناس.
إن لسن الحال يقول:
((لا هان عزيز قومٍ ذل))