Friday, December 07, 2012

2006-2012

المشهد الأول

الزمان:  يوم من ايام نوفمبر 2006
المكان: إحدى قاعات الدراسة بإحدى كليات جامعة عدن

القاعة التي تتسع لحوالي 30 طالب وطالبة كانت خالية إلا من إثنان من الطلاب، الاول يجلس بالصف الثاني ويستمع للموسيقى وانا أجلس بالصف قبل الاخير مستلقياً على الطاولة التي أمامي وأضع راسي على الطاولة مثل النائم لشده الملل.
فجأة تخطر ببالي فكرة أن أفعل شيئاً تعودنا على فعله في المدرسة!

وجدت نفسي اكتب بخط صغير.. بحذر شديد بأن اكتب بطريقة مختلفة عن طريقتي المعتادة بالكتابة..كنوع من التموية..فقد فكرت حينها للحظة أنني امام لجنة تحقيق عمن كتب تلك العبارة المحرمة على طاولة الدراسة العتيدة.
بهدوء وحذر شديد أنهيت كتابة ما جال بخاطري حينها، ثم أتبعت العبارة برسم بسيط من عدة خطوط مستقيمة متوازية تلتقي عند مثلث يتلقاها في جهة اليسار.. ثم أكملت الرسم المبسط بنجمة تشع في وجهي حيوية أرسلت الملل الذي كان يحاصرني إلى غير رجعة.

لم اكد اتمتع بتلك اللحظة إلا وصديقي الذي بالصف الثاني يقف امامي ويفاجئني بسؤال ممتلىء بمشاعر السخرية..او ربما الشفقة..لم يكن الامر واضح لكنه كان يبتسم .. ولكن بطلف قائلاً:
"إيش تكتب؟"

لم اجبه ولكنني نظرت للعبارة التي كان يقرأها وهو يطرح سؤاله:
"Free South Yemen"
مع  رسم بسيط لعلم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تحتها!

فأكمل سؤاله بطرح رايه مباشرة:
"يااااح !
بطل حقك الحركات ذي، وخليك بعيد من المشاكل ولا با يفصلوك بعدين..!"


لم اجبه...لكنني شعرت بشيء من الإنهزام بداخلي ونهضت وإنطلقنا خارجين من القاعة قبل أن يتم القبض علينا بالجرم المشهود.. ونذهب ضحية ما خطته يدي في لحظة تجلي..



المشهد الثاني

الزمان: بدايات شهر ديسمبر 2012
المكان: قاعة جميلة تتسع لحوالي 700 ضيف او اكثر في مدينة عدن..مدينة السماء..مدينة يقول البعض أنها شهدت أول جريمة لبنى أدم وفيها إرتكبت جريمتي الصغيرة يوماً.. مدينة يُقال أن بركانها سيزحف منها للعالم اجمع بغضب إلهي.

المناسبة هل حفل تخرج الدفعة التي ينتمي لها الطالبان من قاعة الدراسة الشي شهدت جريمة خرق صمت القبور يومها.
الحضور كثيف، الاهالي منتشين ببناتهم وابنائهم الذين عبروا لبر الامان الأولى بعد ست سنوات من الإبحار الذي لم يخلوا من العواصف والتقلبات لرياح جنوبية تارات...وشمالية تارة أخرى!

الطلاب متاهبين للصعود لإستلام شهادة رمزية تعلن تخرجهم رسمياً، وينطلق قطار الاسماء لينادي اصحابها للصعود ومصافحة عميد الكلية وإثنان من نوابه ومندوب التاجر المعروف الذي تكفل بجزء كبير من تكاليف الحفل.

بينما انا بإنتظار ان ينادوا بإسمي..كنت منهمكاً بوضع شال بشكل مناسب ولفه حول عنقي بطريقة جميله تبرز أطرافه التي تزينت بمثلث ازرق جميل من الصوف تتوسطه نجمة تبعث في نفسي شعور بالإنتماء لوطن عظيم بقلب كعظمة الفرحة التي شعرت بها يومها.

نادوا بإسمي وصعدت مفتخراً بعلم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وهو يصل بين حبل الوريد وقلبي، اتخذ لنفسي موقعاً مناسباً لإلتقاط صورة بجانب العميد ونبتسم معاً للكامرا.. وابتعد بضع خطوات لاقوم برفع الشال عالياً أمام القاعة كلها لإلتقاط بضعة صورة أخرى بكامرات اصدقائي.
بين المشهدان

هو التاريخ الذي لا يرحم، تاريخ لا يلتفت إلا لمقدار ما نقدم من تضحيات جسمية.
لم يكن ليتحقق المشهد الثاني دون كسر الجنوبيين حاجز الخوف في سبعة سبعة عام 2007
دون شهداء المنصة الأربعة في ردفان
دون شهيد العلم وضاح البدوي
دون قتل الطفل أسعد سالم في حضرموت تحت التعذيب
دون تصفيه أحمد الدرويش في السجن بعدن
دون الشهداء الثلاثة والعشرون في مهرجان أبين
دون قتل فارس طماح لانه تجراء بالإسمتاع لأغنية جنوبية تحررية بالعلن
دون قصف الضالع 
دون حصار وقصف الحبيلين
دون إغتيال د. جياب السعدي
دون القمع الهمجي وإعتقال الالاف في ذكرى الإستقلال بعدن عام 2009
دون شهداء مسيرة قبائل شبوة بإتجاة عتق في شبوة
دون تدمير جعار وزنجبار وتشريد أهلها
دون دون دون... دماء كثيرة ودموع اكثر

تضحيات الشعب الجنوبي هي التي جعلت منا ما نحن عليه اليوم
وهي التي ستجعل أحلامنا اليوم حقيقة واقعة بالغد
حرية
وإستقلال
لجمهورية اليمن الديمقراطية
وعودة الجنوب لأهله

ساكتب المشهد الثاث...عما قريب 
"إن الله أراد!"

No comments: