في الحقيقة، لم يشغل بالي ولا تفكيري منذ انطلاق طوفان الأقصى غير غزة وأهل غزة. كم تمنيت أن أقدم شيئًا يستحق أو أقول ما يستحق أو... أو... ، قدمت القليل القليل. أنا أصغر من أن أتجرأ أن أذكر غزة وأهلها الكرام، لم أتجرأ حتى اليوم أن أكتب شيئًا عن غزة، أنت أمام صمود سيضرب في المثل لقرون قادمة.
كان الله مع أهلنا في فلسطين، فأنتم تاج شرف هذه الأمة في أيام صرنا فيها حقيقةً كغثاء السيل، فالوهن في القلوب قد حل والرعب من العدو قد صار حالة مقبوله، واستسلم له من بيدهم مقاليد الحكم في بلادنا بمتلازمة مرضية واضحة، وحب الدنيا وما فيها من عمران ومتعة وتكنولوجيا قد صار مدعاة للفخر، وكراهية الموت وملاقاة رب العباد صار واقعًا، بل إن ذكر الموت في أي مقام صار أحيانًا عيبًا وقلة ذوق!
لقد غيرت الإبادة في غزة فينا الكثير، ولكن صمود أهلها غير فينا قطعًا أكثر بكثير وبشكل ملموس ومستدام إن شاء الله. والنهر العظيم يتكون من قطرات المطر، لهذا فلكل تغير قد نراه بسيط لكن تأثيره المتراكم قد يكون أعظم مما نتخيل.
لكنني لست من أتباع التفكير العدمي أو من حزب جلد الذات، هي أيام يداولها الله بين خلقه. لكن المؤكد والمؤكد والمؤكد أن البلاء الذي حل بأهل غزة وتمسكهم الإعجازي بأرضهم وكرامتهم وعرضهم ومقاومتهم قد رسم خطًا جديدًا لنا، متيقن إن الدماء الغالية على أرض غزة قد زرعت في كل مؤمن يخاف الله شيئًا لم نره في تاريخنا الحديث، لقد أعادونا لطريق الإيمان القويم ومتيقن أن طريق الكرامة والحرية والوحدة قادم طالت أو قصرت، على حياتنا او حياة من سيخلفنا... ربي أجعل الطوفان مباركاً واخلف علينا في أمتنا خيراً.
قال تعالى:
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) سورة الأنعام
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) سورة يوسف