منذ إنطلاق الحراك السلمي الجنوبي بصورته الحالية في 2007 وهناك شعور يترسخ يوم بعد يوم أن الامر يعنيننا نحن كجنوبيين فقط، وأن من يؤمل على اي تعاطف من الشماليين -المواطنين- هو كمن يتامل الماء في سراب الصحراء.
فخلال السنوات الماضية لم يصدر عن ابناء الشمال ما يشير أنهم متعاطفون مع شرعية القضية الجنوبية غير ما يكتبه المثقفين منهم والذين يعون تماماً واقع الحال وواقع مركزية القضية الجنوبية وكانت اقلامهم فعلاً تلعب دور لا باس فيه في إبقاء اواصر مودة بين الجنوبيين والشماليين كبشر التي التهمتها مفرزات حرب 1994م ضد الجنوب في مواجهة حملة تشهير بكل من ينادي بالقضية الجنوبية ووصفه بالخائن والإنفصالي.
وترسخ مع الوقت أن الجنوبيين فعلاً وحدهم في نظالهم ولن يناضل احد معهم، وترسخت قناعات متعددة تشير خلاصتها إلى أن الوحدة في نظر الشماليين جميعاً مغنم وان الجنوب بارضه وثرواته هو الجائزة للفتح الإسلامي لبلاد الجنوب في 94 وأنه مهما إختلفوا فيما بينهم فهم متفقون على الجنوب، وكما قال المخضرم حيدره مسدوس بما معناه "الرئيس يضمن الجنوبيين الذين معه في السلطة على السلطة ولا يضمن المشترك على السلطة، في حين يضمن المشترك معه على الجنوب ولا يضمن الجنوبيين الذين معه على قضية الجنوب.
فخلال السنوات الماضية لم تخرج حتى مظاهرة واحدة في الشمال لتاييد الحراك الجنوبي -على الاقل لمرحلة ما قبل مارس 2009 التي لم تكن تدعو لفك الإرتباط - بل وحتى إدانة جماهيرية للقتل في الجنوب، وانا اتحدث هنا عن الشارع وليس البيانات المنددة من الاحزاب السياسية التي يتحتم عليها ذلك للحفاظ على ماء وجهها عند انصارها في الجنوب، لكن الاسبوع قبل الماضي حفل بحدث إستثنائي حيث دعت احزاب المشترك الجماهير للتظاهر دعماً للحراك الجنوبي وللنديد لما يتعرض له من قمع عنيف وإنتشار للجيش في الجنوب بعد تهدئة جبهة صعدة. نعم لقد تذكر المشترك أن يتعاطف معنا بمظاهرة وكنت احسب النوايا صادقة حتى لو خرج 100 نفر، طبعاً حَفل مهرجانهم في تعز والذي شارك فيه الالاف بالقمع وجرح بعض الاشخاص..وإنتهت المسرحية التي نظمها المشترك!
نعم كانت مسرحية شدت من أزر قناعتنا بان الشماليين كلهم نظرتهم هي ذاتها للجنوب، مغنم لا غير. فتفاصيل دعوة المشترك التي بدت وطنية وخالصة تكشف لاحقاً انها مجرد مناكفات سياسية لا غير ولا تعنى باي شكل من الاشكال أنها دعم للجنوبيين بل محاولة لإسماع صوتهم عند السلطة التي بدات حسب حديث المدينة مفاوضات مع الحراك الجنوبي، عندها تذكر المشترك ان يلعب لعبة المظاهرات لغضبه من خروجه من الشارع الجنوبي، والكلام لحديث المدينة التي اوردت تفاصيل عن دعوة المشترك الاسبوع الماضي.
لقد خاب الامل فعلاً، لكن ترسخ الإيمان اكثر أن حل القضية الجنوبية هو بايدينا ويجب أن يظل بايدينا نحن كجنوبيين لا أن نؤمن ان في هذه الدولة شيء يسمى معارضة وطنية فيه بل ستظل تنظر للجنوب كما تنظر السلطة وكما ينظر الشماليين لنا منذ ما قبل قيام الوحدة فنحن بالنسبة لهم فرع من أصل وهو ما لا يمكن قبوله بأي حال من الاحوال.